أحمد البغدادي |
وصية |
أوتاد
شعب بلا فنون يعني شعبا ميتا حضاريا ولا قيمة لحياته كما هي حال الشعب العربي
الحمد لله على نعمة الحياة التي منحني الله سبحانه وتعالى إياها بعد أن أوشكت على الموت, الذي استجاب لدموع ودعاء المحبين, وآتى الأطباء العلم والقدرة على فعل بما فوق واجبهم لإنقاذي مما حدث لي.
فالشكر لله سبحانه, ولكل من ساهم بدوره في إنقاذي بدموعه وبصلاته وبدعائه وبجهده و بعلمه وبمحبته .
عنوان المقالة ليس له علاقة بما سبق لأنها لا تتعلق بوصيتي لأنني ببساطة ليس لدي وصية... لكنها وصية الكاتب الأيرلندي الساخر الحائز على جائزة نوبل في الأدب, والذي توفي عام 1950 , جورج برنارد شو, والذي أوصى قبل وفاته بتخصيص جزء من ثروته لإصلاح الأبجدية الإنكليزية الذي كان يطالب به في حياته, لكن المحكمة بعد وفاته رأت صعوبة تلبية طلبه وتم التبرع بالمبلغ إلى المتحف البريطاني, والمتحف الأيرلندي, وأكاديمية الفنون المسرحية. كما أوصى بأن لا يمشي أحد في جنازته, ولا يقترب منها قسيس, ولا يوضع على قبره أي شاهد أو رمز.
إذا ما نظرنا إلى هذه الوصية الرائعة في رمزيتها ونبل مقاصدها, سنجد انتماء هذا الأديب الساخر إلى لغته الأم التي رأى في ذلك الوقت أنها بحاجة إلى الإصلاح. وظل مؤمنا بذلك حتى بعد وفاته. وانظروا إلى حكم المحكمة المستنير بتحقيق رغبته على نحو مماثل بتشجيع الفنون والتاريخ ممثلا في المتاحف, لأهمية هذه الفنون في حياة الشعوب والأمم . فشعب بلا فنون يعني شعبا ميتا حضاريا و لا قيمة لحياته بين الشعوب والأمم, يعني كما هي حال الشعب العربي الذي يتشدد دينيا بلا عقل ولا تفكير.
وباعتباره كاتبا ساخرا كما هو معروف عنه في مسرحياته, كان لا بد من أن يضحك على رجال الدين القساوسة الذين تسببوا بالأذى للمجتمع الأيرلندي , وكلنا يعرف ما عانته أيرلندا حديثا من صراع دموي بين البروتستانت والكاثوليك, فأوصى بأن لا يقترب ولا يمشي في جنازته قسيس, حتى يظل آمنا من آثام القساوسة, وإعلان عدم احترامه ومحبته لهم...وليت لنا من يوصي مثل هذه الوصية الرائعة.
يقولون أن الضحك مفيد للقلب المجهد...لذلك ضحكت كثيرا
هذه المقالة أهديها لكل دمعة نزلت من عيون المحبين, ولكل من ساهم بجهده مشكورا لإنقاذ حياتي, وللأخت الرائعة الفاضلة العالمة في مجال تخصصها الطبي الدكتورة فريدة الحبيب وللأخ العزيز الدكتور حسين الداوود... لا حرمني الله من محبتهم.
كاتب كويتي
awtaad@yahoo.com